إن الخوفَ من اللهِ تعالى هو من أخصِّ صفاتِ عبادِ اللهِ المتقين وأوليائِه المحسنين، قال اللهُ تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} سورة الأنفال: 2 | لقدْ كانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- شديدَ الخوفِ من اللهِ عظيمَ الخشيةِ له، مع ما خصَّه اللهُ -سبحانه وتعالى- به من الخصائصِ والفضائلِ والهِباتِ، ففي الصحيحين قال -صلى الله عليه وسلم- : « فواللهِ إني لأَعلَمُكم باللهِ وأشَدُّكم له خشيةً» أخرجه البخاري 6101 ، ومسلم 2356 من حديث عائشة رضي الله عنها |
---|---|
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم | قال ابن القيم رحمه الله: "كلما كان العبد بالله أعلم، كان له أخوف |
وهذا يفسِّرُ لنا ما كانَ عليه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من شدَّةِ الحَذَرِِ من عِقابِ اللهِ والخوفِ من سَخَطِه، ففي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: « كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يومَ الرِّيحِ أو الغَيْمِ عُرِف ذلك في وجهِه، وأقبلَ وأدبرَ فإذا مَطَرت سُرَّ به وذهبَ عنه ذلك، قالت عائشةُ: فسألتُه؟ فقال: إني خشيتُ أن يكونَ عذاباً سُلِّطَ على أُمَّتي ».
27والوثنيّون قديماً وحديثاً تُذكر لهم أحوالٌ عجيبة من الخوف الشركي، فيعتقدون أن أصنامهم وآلتهم قادرةٌ على إحداث الضرر في أهل الإيمان والتوحيد، فهذا الخليل إبراهيم عليه السلام قالها في وجه قومه: {ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون} الأنعام: 80-81 ، وذكر الله تعالى عن قوم هود قولهم: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} هود: 54 وقال تعالى: {ويخوفونك بالذين من دونه} الزمر: 36 | قال ابن إسحاق: فصلًا بين الحق والباطل يُظهر الله ُبه حقكم ويطفئ باطل مَن خالفكم، وقال مقاتل: فرجًا ومخرجًا في الدين من الشبهات |
---|---|
شدة خوف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه معاشر المؤمنين! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، عضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار، عياذاً بالله | منشغلين بذلك عن كل خيرٍ ومعروف |
وهذا يفسِّرُ لنا ما كانَ عليه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- من شدَّةِ الحَذَرِِ من عِقابِ اللهِ والخوفِ من سَخَطِه، ففي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: « كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يومَ الرِّيحِ أو الغَيْمِ عُرِف ذلك في وجهِه، وأقبلَ وأدبرَ فإذا مَطَرت سُرَّ به وذهبَ عنه ذلك، قالت عائشةُ: فسألتُه؟ فقال: إني خشيتُ أن يكونَ عذاباً سُلِّطَ على أُمَّتي » أخرجه مسلم 899.
4فلذلك: كانت هذه الوقفة بياناً واستجلاءً ل أنواع الخوف وأقسامه، وأنها مراتب لكل واحدٍ منها حكمه الخاص | إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً |
---|---|
الخوف من الله لا يكون من أصحاب الذنوب والخطايا فقط، بل لابد أن يكون حتى من الصالحين، فالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يخافون من الله عز وجل، وكذلك الأنبياء عليهم السلام، ولقد وردت كثير من الأقوال عن السلف رضوان الله عليهم تبيّن شدة خوفهم من الله عز وجل مع طاعتهم له، فالخوف والرجاء كالجناحين للمؤمن يطير بهما إلى الجنة |
وهذا عمرُ بن الخطاب -رضي الله عنه- المبشَّرُ بالجنةِ، قرأ سورةَ الطورِ حتى إذا بلغ { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِع} بكى واشتدَّ بكاؤُه حتى مرِضَ وعادَه الناسُ رضي الله عنه ، وكان يقولُ لابنهِ وهو في الموتِ: "ويحَكَ ضَعْ خدِّي على الأرضِ عساه أن يرحمَني".
9