ثانيا: وما جاء في السؤال: " وقد يتفقان على مبلغ معين" ، فهذا هو نوع آخر من المعاملة على الأرض، وهو إجارتها لمن يزرعها، مقابل مال معلوم يدفعه العامل لصاحب الأرض، وهو جائز أيضا | ومحل التحريم في زمن خيار المجلس أو خيار الشرط، وكذلك بعد الخيارين لأن فيه ضررا أيضاً من تأسيف العاقد، مما يحمله على محاولة الفسخ، بانتحال بعض الأعذار، وغير ذلك من المفاسد |
---|---|
ثالثا: يجوز شراء الحب والثمر وهما في المزرعة بعد بدو صلاحهما، ولا يدخل ذلك في تلقي الركبان المنهي عنه |
.
دليلنا: أن النهي لمعنى في غير المبيع، وإنما هو للخديعة، فلم يمنع صحة البيع | وهكذا: إذا قال للبائع في مدة الخيار: افسخ البيع وأنا أشتريها منك بأكثر من هذا الثمن |
الثالثة: أن لا يصرح البائع بالرضا بالبيع من الأول، ولكن وجد منه ما يدل عليه، بأن يقول: أنا أشاور على ذلك، وما أشبهه، فهل يحرم على غيره أن يدخل على سومه؟ فيه وجهان، بناءً على القولين في الدخول على خطبة غيره إذا وجد من الوليّ التعريض بالإجابة: أحدهما قال في القديم: يحرم ؛ لأن في إفسادًا لما تقارب بينهما | أو دفع حب مزروع ينمى بالعمل لمن يعمل عليه بجزء مشاع معلوم من المتحصل |
---|---|
وروى أبو هريرة: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تناجشوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا» | فهذا حرامٌ لا يحل؛ لما روى ابن عمر: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» |
قيمة الإنسان بمعرفته بربه وبأخلاقه واستقامته : بالمناسبة ما من صفة بالإنسان مادية إلا وهي في الحيوان أبلغ من الإنسان، الصقر يستطيع أن يرى السمكة في الماء وهو في أعالي الأجواء، ينقض على السمك وهو في الماء، ينقض على فريسته وهو على ارتفاع شاهق، بل إن بعض العلماء يقول: إن الصقر يرى رؤيةً تزيد عن رؤية الإنسان بثماني مرات، كأن معه تلسكوباً وميكروسكوباً، الجمل يرى في الصحراء الشيء البعيد قريب، والصغير كبير، عينه ميكروسكوب وتلسكوب تقرب وتكبر، الكلب مليون ضعف حاسة الشم عنده تزيد عن حاسة شم الإنسان، والحديث في هذا الموضوع طويل، فالإنسان إذا افتخر بسمعه، وبصره، وشمه، وحجمه، و وزنه ففي كل صفة من صفاته حيوان يزيد عليه في هذا، الإنسان قيمته بمعرفته بربه وبأخلاقه واستقامته.
1