إنَّ أوَّلَ ما خلق اللهُ القَلَمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربِّ، وماذا أكتب؟ قال: اكتُبْ مقادير كلِّ شيءٍ حتى تقوم الساعةُ، يا بُنَيَّ، إني سمعت رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: من مات على غيرِ هذا فليس منِّي | والْقَدَرُ والْقَدْرُ مايقدره الله من القضاء، وقَدْرُ الله وقَدَرُه بمعنى واحد |
---|---|
نلاحظ: فرّق سبحانه وتعالى بين الحسنات التي هي النعم، وبين السيئات التي هي المصائب، فجعل هذه من الله وهذه من نفس الإنسان، لأن الحسنة مضافة إلى الله، إذ هو أحسن بها من كل وجه | ومن جهة إن فيه حكمة ورحمة لا يعلمها العبد، قال تعالى:" وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لكم" البقرة: 216 |
يمكن التوصل إلى الفرق بين القضاء والقدر، عبر إدراك دور القدر التنفيذي فيما يخص إتمام القضاء، الذي يعتبر المكتوب منذ الأزل، حيث تبدو العلاقة تكميلية بين قضاء الله الإجمالي وبين الجزء الآخر التنفيذي والتفصيلي لهذا القضاء، والذي يعرف باسم القدر | ما مِنكُم مِن أَحَدٍ، ما مِن نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ، إلَّا وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وإلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً، أَوْ سَعِيدَةً، قالَ فَقالَ رَجَلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، أَفلا نَمْكُثُ علَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فَقالَ: مَن كانَ مِن أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَن كانَ مِن أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، فَسَيَصِيرُ إلى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَقالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بالحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} |
---|---|
رأيت القناعة كنزَ الغني فصرت بأذيالها ممتسك فلا ذا يراني على بابه ولا ذا يراني به منهمك وصرت غنياً بلا درهم أمرُّ على الناس شبه الملك كما ذكر الشَّافعي رحمه الله تعالى | ومن الأدلة في القرآن الكريم: قال تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" يس: 82 |
أما الخوض في القدر فلا يجوز، فقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم، وقال الطحاوي : وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
6