والكلام حول موضوع الخطايا والتوبة منها يطول، وحسبنا ما ذكرنا | |
---|---|
قدم فيروس كورونا دروساً للبشرية، في بخس الحياة الدنيا، وقصرها وتفاهتها، ومحدودية قيمتها والبقاء فيها، قصتها المستمرة الموت المفاجئ والمباغت لمن كانوا شركاء الأمس وأصدقاءه، وأقرباءه وأحبابه | فيسوِّف هذا المسكين في التوبة وربما اخترمه وهو على حاله السيئ! إن الحياة دار اختبار وامتحان وابتلاء، فإذا جاوز الإنسان الحياة وهو تحت رضوان الله فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور |
كورونا هو ضيف ثقيل كغيره، وسيرحل يوما ما، لكن التساؤل الحقيقي هو في العبر والقيم والمبادئ التي سيخرج بها الناس من كل ما حصل، ودمتم بخير.
9نبه الفيروس سراق أموال الناس، بأن الحياة الفانية هذه مجرد محطة عابرة، وعاجلة، وبأن هناك حسابا لكل شاردة وواردة، وبأن العمل الصالح هو الباقي، والأبدي، شاء من شاء، وأبى من أبى | إن وقوع الإنسان في أمر لا مفر منه، وهذه ليست مشكلة في حد ذاتها إنما المشكلة والمصيبة هي الاستمرار في الخطأ والإصرار على المعاصي، قال الغزاليّ: "اعلم أنّ الصّغيرة تكبر بأسباب فيها الإصرار والمواظبة: وكذلك قيل: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار"، فكيف إذا كان الإصرار على الكبائر وعدم منها؟! ففرق بين من هو غريق في الذنوب لغفلة ولطغيان ثم يفيق منها ويستغفر، وفرق بين من يصر على الذنوب والمعاصي وهو يعلم حرمتها وهو مع ذلك يتساهل في الاستمرار عليها، ولا يعجل بالتوبة |
---|---|
وقد وضح النبي صلى الله عليه وسلم أن كل الناس يخطئون وأن خيرهم من يتوب إلى الله ويرجع إليه كلما حصل منه خطأ، كما في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ، وليس المقصود من هذا أن الإنسان يقحم نفسه في الخطأ إقحاماً ويرتكب المنكرات ثم يقول: كلنا أصحاب خطأ وسنتوب! لم يغفل كورونا عن تذكير المسؤولين الذين يخنقون صغار الموظفين وفاقدي الحيلة منهم، بأبسط الطلبات وأصغرها، بأن دوركم آت، مثلكم مثل غيركم، وأن هناك حسابا وانتقاما، لا يمكن للعقل البشري أن يفهمه |
نبه الفيروس قاطعي صلة الأرحام، بالواجبات التي نسوها وأهملوها، وركنوها على جنب، لكنها - في المقابل - من تحدد مسارات العالم الآخر، أين سيكون مصيرهم؟ ومع من؟ وكيف؟ وإلى أين هم ذاهبون؟ سكب الفيروس العنيد ماء باردا على رؤوس العاقين لوالديهم، ولمن يهجرون المساجد، ويعيثون في الأرض فساداً، ويخنقون الناس ببذاءة سلوكياتهم وأفعالهم، وبأخذ ما ليس لهم، بأن الرحيل على غفلة واقع ممكن، والشواهد بذلك كثيرة وقريبة.
14ولهذا جاء في الآية السابقة قول الله تعالى: { و { لم يصروا} } فجمع بين أمرين مهمين هنا وهما: سرعة الإفاقة من الذنب وسرعة الاستغفار قبل فوات الأوان، ويدل عليه الإتيان بالفاء فاستغفروا وهي تفيد الترتيب والتعقيب، يعني حصول الاستغفار مباشرة عقب الذنب، فلم يحصل من الشخص تمادٍ وإصرار، الأمر الثاني: قوله: ولم يصروا أي تابوا سريعاً ولم يتمادوا في الذنب | |
---|---|