وكانت إجراءات التنازل من أصحاب الدم والتي قادها الشيخ عوض قريعة قد تمت صباح أمس في المحكمة الكبرى بالمنطقة الشرقية | والد محمد الآن أصبح في التاسعة والخمسين من عمره أما والدته فقد بلغت الخمسين، ولا هم لهما إلا ذلك الابن المعاق الذي يتعارك مع الذكريات في غياهب السجن كل ليل، منتظرا بلهفة رؤية والده أو أحد إخوانه الأربعة، فيما تتسابق شهقات البكاء على محيا أخواته الثلاث وأمه اللاتي لا يستطعن مشاهدته أو الحديث معه أو حتى سماع صوته المخنوق من آلام الذكريات |
---|---|
وقال "لن أعرج كثيرا على مناقب محمد، فهي كثيرة، ولو أني أرى الثقة والعنفوان في عينيه دائما، إلا أنني أشفق كثيرا على والديه وإخوته | من جهته قال الشيخ عوض قريعة: قيامنا بإجراءات الصلح بين أصحاب الدم وذوي السجين يعتبر واجباً علينا وهذا توفيق من الله عزَّ وجلَّ، منوهاً بتعاون أصحاب الدم وأن هذا المواقف يعتبر من المواقف التي تعادل لدي الشيء الكثير لأننا ساهمنا في اعتاق رقبه وهذا ما سعينا إليه |
نحران - مانع آل هتيلة: أفرح نبأ إطلاق السجين محمد القحص بعد اثنين وعشرين عاماً من الوقوف خلف القضبان والإفراج عنه ذويه وأهالي منطقة نجران، وظل القحص وأهله ينتظرون عشرات السنين هذه اللحظة السعيدة.
10عندما حدثت الجريمة التي أصبح فيها المدان الأول والأخير محمد، نقل إلى دار الملاحظة في أبها وكان ذلك في عام 1415، وأمضى فيها 7 سنوات، حتى بلغ الـ22 من عمره ثم نقل إلى سجن أبها وأمضى فيه 3 سنوات ثم نقل إلى سجن نجران ويقترب من إكمال 7 سنوات فيه، وطيلة كل تلك السنوات، حسب ما يقول قريبه محمد بن حمد، وعائلته تلاحقه من سجن إلى سجن لتهتم به وبشؤونه | |
---|---|
مشاعر إنسانية امتزجت بآلام وأحزان وآمال، في حديث عائلة محمد إلى "الوطن" ولا هم لها الآن إلا اسم واحد هو "محمد"، أو كما يؤكد قريبه محمد بن حمد، أن ابنهم لو كان قد رحل إلى ربه لكانت خفت تلك المشاعر منذ زمن، إلا أن وضعه الآن يحتاج إلى قلوب رحيمة وفرصة من أهل الدم كي يعتقوا رقبته مما هي فيه وقد بلغ 34 عاما من العمر | وتقدّم محمد القحص عم السجين بالشكر الجزيل لكل من وقف في هذا الموقف المشرّف من الجميع، معرباً عن تقديره للشيخ عوض قريعة ودوره الكبير في السعي إلى العمل الإنساني والخيري بين كل الأطراف إلى أن تمت إجراءات التنازل، والشكر من قبل وبعد لرب العزة والجلال وإلى كل من سعى في هذا الموقف النبيل |
كان فتى حالما لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر، إلا أنه يختلف عن غيره بسبب إعاقته التي شلت أطرافه اليسرى، وجعلته ينظر إلى نفسه، بمزيد من الثقة واحترام الذات.
7قبل 18 عاما، أبى الطالب محمد القحص في إحدى المدارس المتوسطة في منطقة نجران، إلا أن يتعلم في صفوف المدرسة كغيره من الطلاب الأصحاء، وأن يداوم على الذهاب والعودة من المدرسة كل يوم، وهو يحمل هما واحدا هو أن يعتمد على نفسه وأن لا تجعل إعاقته الناس ينظرون إليه بعين الرحمة والتعاطف | |
---|---|
وقالوا لـ"الوطن": نحن نشكر كل من سعى لتنازل أهل الدم عن القضية ومنح محمد أمل العودة إلى الحياة مرة أخرى | ولم تنس أمه منظر ابنها وهو يدخل إليها ملطخا بالدماء، وعلامات الفزع والارتباك تبدو على ابنها قبل أن تبلغ والده الذي أبلغ الشرطة وبدأت حينها التحقيقات في قضية أشغلت الرأي العام النجراني طويلا |
وفي يوم من الأيام، حدثت الكارثة الأكبر في حياة محمد، عندما أصبح مدانا في جريمة قتل شاب في حي قريب من مسكنه.
8