ابو نواس الخمر. الخَمر: الحقيقة الشعريّة وما وراء المقدّس

لازمة الارتداد أما «الارتداد» وهو اللازمة الثالثة التي ذكرناها من لوازم النرجسية، فهو الذي يعرف أحيانًا باسم الصفات الثانوية، وليس من طبيعته أن يظهر قبل المراهقة، وربما تأخر إلى ما بعد المراهقة بسنوات إلى أن توجد النوازع الجنسية، التي لا تتأتى الاستجابة لها حين يكتفي النرجسي بتوثين نفسه وقد قصد أبو نواسٍ بغداد وامتدح هارون الرشيد ونال مكانةً مرموقةً لديه، ولكنه ـ أي هارون الرشيد ـ كان كثيراً ما يحبسه عقاباً له على ما يورد في شعره من المباذل والمجون
لأن الحياة الجاهلية لم تكن تسمح بذلك ولا تدعوإليه لكنّ الناظر في شعره يقف على حقيقة مؤدّاها أنّ أبا نواس جمع بين لحظتين: لحظة الانفكاك من قيد التديّن، ولحظة اعتراف بالسلطة الدينيّة، ويمكن أن نُجمل معاني لحظة الانفكاك في ثلاثٍ: 1

ابو نواس ( شاعر الخمر )

وتتمثل هذه الشهوة «النرجسية» شهوة المخالفة والمغايظة في قصيدة أخرى صور فيها إبليس بصورة المتوسل إليه بغواياته؛ ليختار منها ما يحلو له وهو يأباها غواية بعد غواية، ولا يزيد على أن يقول له: «لا» من قبيل المكايدة والمعاندة لا من قبيل الزهد والعفاف.

5
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر
ولــكِنّ اللّــذاذَة في الْحَــرامِ 2
قالوا: حرامٌ، قلْ: عن عرّاب الخمريّات في الشعر العربي أبو نواس
توفّي والده وهو في السادسة من عمره، فأرسلته أمّه إلى عطّار ليعمل عنده، إلا أنّه بعد العمل كان يرتاد إلى مجالس العلم والشعر، إضافة إلى أنّ العطّار نفسه تكفّل تربيته ورعايته، فشجّعه على الذهاب إلى الكُتّاب لحفظ القرآن، وتعلّم الشعر لتتفتّح قريحته، وساقه القدر ليتعرّف على الشاعر الفاحش والبة بن الحبّاب، فسافرا معاً إلى الكوفة، وعَمِدَ والبة على تعليم أبي نواس قرض الشعر، فزارا المجالس العلمية والأدبية ومجالس الشعراء التي كانت تضمّ الشعر القديم والتفاسير والنقد الأدبيّ
أبو نواس
وأنقذ ابن منظور صاحب لسان العرب أخباره من الامِّحاء وعلّق على إسقاطه من الأغاني قائلاً "إذا أغفل أبو الفرج ذكرَ أبي نُواس من كتبه فمَن ذكر! فأي مذهب من مذاهب الزندقة يسول لصاحبه هذا المجون، إنما هي آفة العبث بالمخالفة ولا شيء سواها يغريه بهذا السخف الذميم
وإنما تفسر آفات أبي نواس جميعًا ظاهرة نفسية أخرى هي «النرجسية»، التي جعلناها عنوانًا لهذا الفصل، وفيها تفسير لآفته الكبرى وتفسير للآفات الصغرى التي تتفرع على جوانبها وتعنينا هنا شعابها التي تتصل بدراسة أبي نواس وموضوعات عشقه وغزله، وأهمها شعبتان: تسمى إحداهما الاشتهاء الذاتي Auto-erotism، وتسمى الأخرى التوثين الذاتي Auto-Fetishism، وبينهما فرق دقيق ولكنه غير حاسم؛ لأن أعراض كل منهما قد تنساب إلى الأخرى في مسارب النفس الخفية، ودخائل الغريزة المكنونة، وما أكثر المسارب والدخائل في هذه الشئون
وصحب جماعةً من الشعراء الماجنين كمطيع بن إياس وحماد عجرد رفض التوبة وكان أبو نواس يُكثر في شعره من ردّ لومة اللائم عليه، وأشهر ردوده على رجال الدين قصيدته "دع عنك لومي" الشهيرة، ورفض ترهيبهم من الجحيم والحساب حتّى قال: يا من يلوم على حمراء صافية صرْ في الجنان ودعني أسكن النارَ أمّا لحظة اعترافه بكونه جزءاً من الثقافة الإسلامية، فتظهر في ومضات متفرّقة من قصائده، وهي لحظات يخاطب فيها ذاته فيلتفت إلى ما هو عليه من إمعان في العبث، ومن أشهر أبياته في هذا المجال، بيتان حسده عليهما شاعر الزهديات أبو العتاهيّة الذي عُرف بحبّه لأبي نواس: يا رَبِّ إِن عَظُمَتْ ذُنوبي كَثرَةً فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُـحسِنٌ فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ أَدعوكَ رَبِّ كَمـا أَمَـرتَ تَضَرُّعاً فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ

أبو نواس: قراءة في سيرة شاعر المجون

اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2010.

26
أبو نواس والخمر
مضامین خمریاته إنّ الوقوف على آفاق خمرة النواسي يقتضىِ منّا تتبّع أبعاد هذه الخمرة ومعانیها، على حسب المواقف التى استعملها الشاعر
«دع عنك لومي».. أبو نواس شاعر الخمر المتمرد الذي أبهر هارون الرشيد
أما وفاته فاختلفت الآراء فيها؛ فقال البعض إنّه توفّي في السجن، بينما قال آخرون أنه نزل في بيت إسماعيل بن نوبخت الذي دسّ له السم ليتخلّص من لسانه السليط
دراسة الشعر الخمري عند العرب قبل أبي نواس
وكانت قد انتقلت أسرة الشاعر إلى البصرة، بعد هزيمة مروان في معركة الزاب الأعلى، والطفل أبو نواس في الثانية من عمره، وقيل في السادسة، وما لبث أن مات أبوهُ، فأسلمته أمه إلى الكتاب، ثم إلى عطار يعمل عنده أجيراً، يبري عيدان الطيب
وعادت البركة تقول: ولكنني أحببت نرجس إذ كان ينحني على حافتي وينظر إليَّ؛ لأنني كنت أنظر إلى عينيه فأرى جمالي متجليًا في تينك العينين» ولكن الأكثر الأعم في لازمة العرض أنها لا تمعن هذا الإمعان إلا في حالة الجنون، وما يقاربه، وإنها تتحول إلى إظهار ولفت الأنظار على أساليب لا تحصى، وقد ينتهي بها التناقض أحيانًا إلى إعلان التقوى والظهور بين الناس بآثار التعذيب والتمريغ، وسمات العبادة، وإذلال النفس بتشويه الجسد وتلويثه
ولعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بنكبة البرامكة أوعَدّتها نفسَ الإله وروحه، وقالت إنّ بها القدرة على ردّ الميّت إلى الحياة، وفی بعض الدیانات کان الآلهة فی أصلهم غیر خالدین، ثم شربوا الخمرة فاکتسبوا الخلود

معلومات عن أشعار أبو نواس

.

28
3 قصائد من شعر أبو نواس
ونشأ في البصرة، ثم انتقل إلى بغداد واتّصل بالبرامكة وآل الربيع ومدحهم، واتصل بالرشيد والأمين
ابو نواس والخمر أشهر قصائده في وصف الخمر
الکلمات المفتاحیة: الشعر الخمری،العصر الجاهلی،العصر الاسلامی،العصر الأموی ألف- في الجاهلية فقد عرف الشعرالخمري عندالشعراء الجاهلييّن؛ وقليل منهم من لم يعرض للخمر في شعره
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر
وهكذا فالشعرالخمري عندهم إلمامة سريعة»