قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه : قال الغزالي: فإن قيل: ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فإن الدعاء سبب رد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن البذر سبب لخروج النبات من الأرض، وكما أن الترس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء | |
---|---|
نعم ذكر عن رسول الله عليه السلام انه قال لاايرد القضاء الا الدعاء إذا الدعاء يرد القدر لان كلاهما قضاؤه من الله لانه سبحانه يعلم أن العبد سيدعوه ويغير الله القدر بقدر آخر مكتوب عنده | إذن: الدعاء يرد القضاء لأنه من قضاء الله وقدره، ولذلك في أحايين كثيرة نحن نكون في مشاكل كبرى ولا ندعو؛ لأنه لم يوفقنا الله للدعاء، في حين أننا لو دعونا لتغيرت أمورٌ كثيرة، ولكن شاء الله أن يمضي قضاؤه وفق مراده، ولذلك نسَّانا أن ندعو فصارت الأمور كما أراد سبحانه وتعالى |
ثانيا: هذا القدر لا يمكن تغييره، بمعنى أنه لو كان الله قد قدر أن فلانا يموت مؤمنا أو كافرا، أو يحيى سعيدا أو شقيا، أو يرزق بعشرة من الولد مثلا، فلا يمكن تغيير ذلك؛ لأنه لو أمكن تغييره لكان قدحا في علم الله ، وإرادته ، وعظمته، بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
10فَاللهُ يَعْلَمُ كُلَّ شَىْءٍ بِعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ | يَعْلَمُ أَيَّ الأَمْرَيْنِ سَيَخْتَارُ هَذَا الشَّخْصُ وَمَا الَّذي سَيُصِيبُهُ |
---|---|
وَكُتِبَ ذَلِكَ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَيْضًا | وأما المقصود بالدعاء الذي يغير القدر، فهو حث المسلم على الدعاء والتقرب إلى الله حال خوفه من أذى يصيبه أو مكروه يُلمّ به، ومع الدعاء والتوسل إلى الله تعالى يمكن أن يتغير القدر فلا يقع البلاء، كما يمكن أن يكون ذلك بالصدقة |
فإذن: نحن عندما ندعو الله تبارك وتعالى إنما نفر من قدر الله إلى قدر الله، فلو لم يعنَّا الله تبارك وتعالى ويوفقنا للدعاء لما دعونا، ولذلك بما أن الله شاء وأراد أن يغير قدره بالدعاء أعانك على الدعاء، إذن: الدعاء يرد القضاء قطعاً؛ لأن هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، والنبي أخبرنا عليه الصلاة والسلام أن الدعاء والقضاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء، أي: يحدث بينهما نوع من المواجهة، فإذا كان الدعاء أقوى رفع القضاء — رفع الأمر — وإذا كان القضاء أقوى والدعاء أقل أو أضعف نزل هذا القضاء ولكن بصورة أخف، وإذا لم يدع العبد أصابه قدر الله تبارك وتعالى جل جلاله؛ لأن هذه الصور الثلاث إما أن يكون الدعاء أقوى فيغلب، وإما أن يكون القضاء أقوى فيغلب ولكن ينزل مخففاً، وإما أن العبد لا يدعو بالمرة فيصيبه ما قدره الله تبارك وتعالى.
7لكن هنا مرتبة أخرى من مراتب القدر ، وهي كتابة مقادير الخلق ، في الصحف التي في أيدي الملائكة | وَيَكُونُ دُعاؤُهُ رَدَّ القَضَاءَ الثَّانِيَ الْمُعَلَّقَ، صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، وتابع: وَهَذَا مَعْنى الْقَضَاءِ الْمُعَلَّقِ أَوِ الْقَدَرِ الْمُعَلَّقِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ تَقْدِيرَ اللهِ الأَزَلِيِّ الَّذي هُوَ صِفَتُهُ مُعَلَّقٌ عَلَى فِعْلِ هَذَا الشَّخْصِ أَوْ دُعَائِهِ |
---|---|
هل كل شيء في هذا العالم قد كتبه الله ؟ إن كان الأمر كذلك ، فلماذا نحن مخيرون ؟ ما الفائدة من ذلك إن كنا لا نستطيع تغيير القدر؟ هل يشمل ذلك الحالة الجسدية والموت ؟ هناك شخص عزيز علي أريد أن أقول له شيئًا لن يتقبله ، فأنا أظن أنه ما أن يسمع الخبر ، إما سيموت ، أو يصاب بنوبة قلبية ، أو سيجعلني بلا مأوى ، ولا طعام ، أو شراب ، أو نقود ، وسيدمر حياتي بالكامل ، وحياة الكثير ممن أحب ، هذا الشخص مع العديد من العوامل هو السبب في ضياع كل شيء أحبه ، بما ذلك ديني ، وصلاتي ، وهي الخسارة الكبرى ، ويجب علي أن أخبره للتوقف عن هذا الجنون ، والسبب الوحيد الذي يمنعني من إخباره هو : خشيتي أن أكون السبب في موته ، وأنا أريد أحدا أن يخبرني أن أجله مكتوب في قضاء الله وقدره ؛ حتى أخبره ، ولكن الجميع يخبرونني أننا مسيرون ، ويمكننا تغيير قدرنا من خلال قراراتنا في الحياة ، ولكن ألا يعني ذلك أن الله ليس عظيمًا ؟ أنا لا استطيع تصديق ذلك ، فإما أن يكون الله عظيمًا ، وأن القضاء لا يمكن تغييره ، وإما أن ما يخبرني به الناس من بعض الأشياء المذكورة في صحيحي البخاري ومسلم كذب ، أو أن يكون الله مجرد كذبة ، وأنا أرفض أن أعتقد الخيار الثاني | وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا سَيَكُونُ مِنْهُ |
صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، فإن القضاء نوعان: «المُعَلَّق والمُبرَم»، أما المعلق فليس معلَّقًا في علم الله تعالى، فالله عالم الغيب والشهادة، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، عِلمُه أزلي أبدي لا يتغيَّر، وهو بيد الملائكة وهذا النوع هو الذي يغيره الدعاء، وعن صحة حديث الدعاء يرد القضاء ، أضاف: «أما القَضَاءُ الْمُبْرَمُ أي المحتوم فلا يَرُدُّهُ شَىْءٌ، لا دَعْوَةُ دَاعٍ وَلا صَدَقَةُ مُتَصَدِّقٍ ولا صِلَةُ رَحِمٍ».