ثمَّ ينبغي للعائد أن يَنصَحَ للمريض بالدعاء، وأن لا يقولَ عنده إلاَّ خيراً ففي صحيح مسلم عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حَضرتُم المريضَ أو الميِّتَ فقولوا خيراً، فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون" 1 | وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا ، قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً، قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّة» |
---|---|
غض البصر عن جرح المريض لماذا يجب على المسلم غض البصر عند زيارة المريض؟ على المسلم عند زيارة المريض وعدم تأمل مكان الجرح والألم؛ لأن ذلك يجرح مشاعره ويُؤذيه | وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخل على أمِّ السائب أو أمِّ المسيّب رضي الله عنها، فقال: "مالك يا أمَّ السَّائب أو أمَّ المسيب تُزَفْزِفِين أي: تَرعدين قالت: الحمَّى لا باركَ اللهُ فيها، فقال: لا تَسُبِّي الحُمَّى، فإنَّها تُذهبُ خطايَا بَنِي آدم كما يُذهبُ الكِيرُ خَبَثَ الحديد"2 |
وعن أَبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه أَن جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال: يَا مُحَمدُ اشْتَكَيْتَ؟ قال: «نَعَمْ» قال: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يشْفِيك، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ » رواه مسلم.
6ومن فضل زيارة المريض أنّها قد تكون سببًا في دخول جنّات ، وهو ما رواه ثوبان -رضي الله عنه- فيما سلف ذكره من الحديث، فقال: "مَن عادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الجَنَّةِ، قيلَ يا رَسولَ اللهِ، وما خُرْفَةُ الجَنَّةِ؟ قالَ: جَناها"، يعني أنَّه يَجنِي مِن ثمارِ الجنَّةِ مُدَّةَ دَوامِه جالسًا عند هذا المريضِ، ولقد روى في ذلك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصّلاة والسلام- قال: "ما من مُسلمٍ يعودُ مُسلمًا إلَّا ابتعثَ اللَّهُ سَبعينَ ألفَ ملَكٍ يصلُّونَ عليهِ أيَّ ساعةٍ منَ النَّهارِ كانت حتَّى يُمْسيَ وأيَّ ساعةٍ منَ اللَّيلِ كانَت حتَّى يُصْبِحَ" | ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ النَبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ: لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ! كَلاَّ، بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ ـ أَوْ تَثُورُ ـ عَلَى شَيْخٍ كَبيرِ تُزِيرُهُ القُبُورَ |
---|---|
اللهم يا من تعيد للمريض صحته، و يا من تستجيب دعاء البائس الضعيف، أسألك أن تشفيه وتلطف بجسده وتكتب له الشفاء العاجل يا أكرم الأكرمين | ج: ينبغي للمريض أن يشتغل بنفسه بأن يستحضر في نفسه أنه حقير من مخلوقات الله، وأن الله غني عن عباداته وطاعاته، ولا يطلب العفو والإحسان إلا منه، وأن يكثر ما دام حاضر الذهن من القراءة والذكر، وأن يبادر إلى أداء الحقوق برد المظالم، والودائع، والعواري، واستحلال نحو زوجة، وولد، ووالد وقريب، وجار وصديق، ومن بينه وبينه معاملة، ويحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسات، ويصير على مشقة ذلك، ويجتهد في ختم عمره بأكمل الأحوال، ويتعاهد نفسه بنحو تقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف إبط، وأخذ شاربه، وإزالة الأوساخ، وأن يعتمد على الله فيمن يحب من بنيه وغيرهم، ويوصي للأرجح في نظره بقضاء ديونه، وتفرقة وصيته، ونحو غسله، والصلاة عليه، وعلى غير بالغ من أولاده، ويجب المسارعة في قضاء الدين وما فيه إبراء ذمته من إخراج كفارة، وحج ونذر وغير ذلك، ويُسن الإسراع في تفريق وصيته، كل ذلك قبل الصلاة عليه؛ فإن تعذر إيفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه؛ لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن |
يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني ؟ قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟! تكلم عن أحكام ما يلي: عيادة المريض، تذكيره التوبة، والوصية، وحسن الظن بالله عز وجل، واذكر الدليل لما تقول؟ ج: تسن عيادة مريض غير مبتدع وغير متجاهر بمعصية، وقال ابن حمدان: فرض كفاية.
26عدم الإطالة في الزيارة لماذا يجب التخفيف من الجلوس عند المريض؟ على المسلم ألا يطيل في زيارته للمريض، بل عليه أن يقلل من مدة من جلوسه فلا يزيد على المريض مشقةً، ويكون وقت الجلوس كافٍ للسؤال عن حال المريض والدعاء له بالأدعية المستحبة للمريض | عن عُمَر بن الحَكَم بن رافع الأَنْصَارِي، قال: سَمِعْتُ جابرَ بنَ عَبْد اللهِ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا، خَاضَ فِي الرَّحْمَةِ، حَتَّى إِذَا قَعَدَ اسْتَقَرَّ فِيهَا»، وعَنْ مَرْوَانَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، إِنَّ الْمَكَانَ بَعِيدٌ، وَنَحْنُ يُعْجِبُنَا أَنْ نَعُودَكَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أَيُّمَا رَجُلٍ يَعُودُ مَرِيضًا ، فَإِنَّمَا يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ، فَإِذَا قَعَدَ عِنْدَ الْمَرِيضِ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لِلصَّحِيحِ الَّذِي يَعُودُ الْمَرِيضَ، فَالْمَرِيضُ مَا لَهُ ؟ قَالَ : تُحَطُّ عَنْهُ ذُنُوبُهُ» |
---|---|
وفي رواية أخرى : خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ ، وَإتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ | ونسأل الله الكريم أن يَشفيَ مرضَانا ومرضَى المسلمين, وأن يَكتبَ للجميع الصِّحةَ والسلامة والعافية، إنَّه سَميعٌ مجيب |
وفي المقابل لكنهم القلة من الزوار الذين يظهرون البهجة والسرور والابتسامة اللطيفة على وجوههم.
20