يقول في هذه المسألة: "إنَّ الغناء مُباح"، وبنَى كلامه على تضعيف حديث أبي مالكٍ الأشعري، ويرى ابن حزم أن استماع الموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة | قال القرطبي رحمه الله : " أما المزامير والأوتار والكوبة الطبل فلا يختلف في تحريم استماعها ، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك ، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج الشهوات والفساد والمجون؟! والمحرم هو ما كان في موضوعه بذاءةٌ وفُحْش ودعوةٌ إلى الفجور والأمور المَرْذولة، كأشعار الهجاء والأشعار الشِّركيَّة |
---|---|
وعلى فرض انقطاعه بين البخاري وهشام، فقد رواه عنه غيره متصلًا، عن هشام بن عمار | حُكْم الشِّعْر ورَدَ في أحاديثُ تدلُّ على إباحته؛ منها ما يدلُّ على إباحتِه بشرطِ حُسْن موضوعه، كالذي رواه الطَّبَراني عن عبد الله بن عمر أن قال: الشِّعر كالكَلام؛ فحسَنُه حسَن، وقَبِيحه قبيح |
ونقل القرطبي في تفسيره عن الطبري ما نصه: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه، وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري، انتهى.
15ومعلوم أن النظر سبب الزنى ؛ فإنَّ مَن أكثر مِن النظر إلى جمال امرأة - مثلاً - : قد يتمكن بسببه حبّها من قلبه تمكّنًا يكون سبب هلاكه - والعياذ باللَّه - ، فالنظر بريد الزنى | قال الضحاك: الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب |
---|---|
في النهاية أقول: ابحث عن حال النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، والتابعين لهم بإحسان في القرون الثلاثة الهجرية الأولى إذا وجدت حالهم كحالنا اليوم فيما يخص الغناء فبها ونعمت! الأول: أن يكون من امرأة لرجال، فلا شك في تحريمه ومنعه، كما منعتها الشريعة من الأذان للرجال، ورفع الصوت بالقراءة في حضورهم فإن غنت لنساء، بكلام حسن، في مناسبة تدعو إلى ذلك كعرس ونحوه جاز ذلك | وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسق ومهيج الشهوات والفساد والمجون! هل الغناء بدون موسيقى حرام ، ورد فيه أن الأغاني كلام، والكلامُ حسنه حسن وقبيحه قبيح، فيما أن الموسيقى نفسها لا حرمة في سماعها، رغم أن ا لموسيقى قضية خلافية، لكنها جائزة ومستحبة، ومن هنا فإن إجابة سؤال : هل الغناء بدون موسيقى حرام ؟ يعول فيها على الكلمات في الغناء، فإن كانت الكلمات لا تخدش حياءً ولا تنشر فاحشة فالغناء حسن، وليس حرامًا |
مَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ، وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّمْرَاءُ.
22أجمع أغلب من روى الحديث أن الوعيد ليس على المعازف، إلا عطية بن قيس فإنه غلط في تقديم لفظ المعازف لأول الحديث | وعلى المعنى الثاني، وهو كونها لتعليل الأمر القدري، يكون المعنى: أن الله سبحانه قضى وقدر على بعض الناس أن يشتري لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله، وعلى كلا التقديرين فالآية الكريمة تفيد ذم من اشترى لهو الحديث، ووعيده بأن مصيره إلى الضلال والاستهزاء بسبيل الله، والتولي عن كتاب الله، وهذا هو الواقع الكثير، والمشاهد ممن اشتغل بلهو الحديث من الأغاني والمعازف، واستحسنها وشغف بها، يكون مآله إلى قسوة القلب والضلال عن الحق إلا من رحم الله |
---|---|
فالغناء يفسد القلب، وإذا فسد القلب هاج فيه النفاق | وفي الجمع في الآية الكريمة بين غض البصر وحفظ الفرج إشارة إلى أن غض البصر سبب لحفظ الفرج ، وأن إطلاق البصر ، سبب للوقوع في الفاحشة |
أي أنها لا تلهني عن أي واجب.