صورة المجادله. قصة سورة المجادلة

لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أي لا تجد قوما يجمعون بين الإيمان بالله واليوم الآخر، وموادّة أعداء الله ورسوله، لأن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكافرين، إذ من كان مؤمنا حقا لا يوالى كافرا، فمن أحب أحدا امتنع أن يوالى عدوه، والمراد من موالاته مناصحته وإرادة الخير له في الدين والدنيا، أما المخالطة والمعاشرة فليست بمحظورة ولقد أصاب المسلمين اليوم من ذلك بلاء شديد، فإنا نرى الأمم الإسلامية أصبحت في أخريات الأمم، وأبناؤها في شمال إفريقية وفى مصر وغيرها يوالون الإفربحة وينصرونهم على أبناء جنسهم، ولو كان في هذا ذل لهم ولدينهم وأمتهم، ولن يزول هذا إلا بالاستشعار بالعزة والكرامة القومية والدفاع عن حوزة الدين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا
{ 10 } { إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } يقول تعالى: { إِنَّمَا النَّجْوَى } أي: تناجي أعداء المؤمنين بالمؤمنين، بالمكر والخديعة، وطلب السوء من الشيطان، الذي كيده ضعيف ومكره غير مفيد وليس ذلك بضار للجالس شيئا، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه

أسباب نزول سورة المجادلة

ثم أكد ما سبق من إحاطة علمه تعالى بكل شيء فقال: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ، وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ، وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا أي ألم تعلم أنه تعالى يعلم ما في السموات وما في الأرض، فلا يتناجى ثلاثة إلا والله معهم ويعلم ما يقولون وما يدبرون، ولا خمسة إلا وهو سادسهم يعلم ما به يتناجون، ولا نجوى أكثر من هذه الأعداد ولا أقل منها إلا وهو عليم بها، وعليم بزمانها ومكانها لا يخفى عليه شيء من أمرها.

11
قصة سورة المجادلة
أحكام وفوائد من سورة المجادلة وردت العديد من الأحكام في سورة المجادلة، ومن هذه الأحكام ، والمقصود بالظهار أن يقول الرجل لزوجته: أنتِ عليّ كظهر أمي ، أو غيرها من المحارم، أو يقول لها: أنتِ عليّ حرام ، وعند ذلك تحرم عليه زوجته ولا يجوز له معاشرتها معاشرة الأزواج إلا بعد أن يكفّر عن يمينه، وقد سبق ذكر في قصة أوس بن الصامت وخولة بنت ثعلبة رضي الله عنهما، ويمكن استنباط الكثير من الفوائد من هذه القصة، منها تواضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة رضي الله عنهم، واهتمامه بهم، وحرصه عليهم، فعلى الرغم من كثرة مسؤولياته وأشغاله إلا إنه كان يُفرّغ نفسه لسماع شكواهم وحل مشاكلهم الحياتية والعادية
سورة المجادلة مكتوبة كاملة بالتشكيل
ثم فصل حكم الظهار فقال: 1 وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أي والذين يقولون هذا القول المنكر ثم يتدار كونه بنقضه ويرجعون عما قالوا فيريدون المسيس فعلى كل منهم عتق عبد أو أمة قبل التماسّ إن كان ذلك لديه
تفسير سورة المجادلة
ويُستفاد من القصة أيضاً أن للمرأة مكانتها في المجتمع الإسلامي، حيث إن لها حقوق، وعليها واجبات، كما إن الرجل له حقوقٌ وواجبات، فعلى الرغم من أنها ذهبت إلى رسول الله لتسأله عن مشكلتها سراً، إلا إن الله -تعالى- سمع قولها وأنزل آيات تبيّن المخرج من أزمتها، ومن أهم الدروس المستفادة أنّ -تعالى- يحيط بكلّ نجوى، ويجيب الداعي إذا أخلص في دعائه
فوائد من قصة المجادلة هناك الكثير من الفوائد والأحكام التي يتعملها الفرد من تلك القصة، ومن موقف خولة بنت ثعلبة، ففي هذا الوقت كان الأمر الشائع هو فراق الزوجين عند إلقاء الزوج لهذا القسم، ولكن تبين أن خولة كانت تُحب زوجها، وكانت تخشى فراقه وتدمير بيتها، فلم تكتف بفراق زوجها، بل لجأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يجد لها حلاً، الأمر الذي يُشير إلى سعيها للصُلح ثم بين ما كافأهم به على عملهم فقال: فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أي فلهم عذاب يلحقهم به الذل والهوان في النار جزاء ما امتهنوا اسمه الكريم بالحلف به كذبا
{ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } عمن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح وقد أشار الله عز وجل في الآيات الكريمة إلى الإخلاص في الإسلام ، وأن هناك نوع واحد من المسلمين ، وهم أصدقاء أعداء الإسلام؛ فهم من أجل مصلحتهم قد يخونوا دينهم ، وينشروا الشبهات بجميع أنواعها ، ويمنعون الناس من اتباع سبيل الله سبحانه وتعالى ، وأن هناك نوع آخر من المسلمين لا يعتزون بأي شعور بالحب تجاه أعداء الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام ؛ فالنوع الأول ينتمون إلى حزب الشيطان ، والنوع الثاني هم وحدهم المسلمون الحقيقيون

تفسير المراغي/سورة المجادلة

وطلبت خولة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم لصالحها ، وأن تلك العادة العربية التي تعرف بالظهار ليست عادلة للمرأة ؛ فهي عادة اجتماعية سيئة ظهرت في عصور ما قبل الإسلام حيث كان يسمي الزوج زوجته الأم ، وبالتالي ينفصل عنها ولا يطلقها لمجرد ظلمها ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه حكماً في البداية لعدم وجود أي تعليمات حول ذلك الموضوع في القرآن الكريم ، حتي جاءه وحي من الله سبحانه وتعالى ، وأنزلت الآيات الست الأولى من هذه السورة؛ فالله عز وجل قد سمع صلاتها وشكواها من زوجها.

27
سبب نزول سورة المجادلة
أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ أي أولئك هم جنود الشيطان وأعوانه، وإن جنده لهم الهالكون المغبونون في صفتهم، إذ هم قد فوّتوا على أنفسهم النعيم المقيم، واستبدلوا به العذاب الأليم، وليس من دأب العاقل أن يقبل مثل هذا لنفسه
متن قرآن, سوره 58: المجادلة, آیه 1
ثلاثة مراتبٍ واجبة باتفاق ، وهي على الترتيب الآتي: الإعتاق والإطعام، وذلك حسب ما نصّت عليه الآيات الكريمة السابقة، وينتهي حكم الظهار بعد أن يكون قد وجب في حقّ العبد بعدّة أمورٍ، فإما أنْ يؤدّي الكفارة، ولا يحلّ له أنْ يرجعها إلى عصمته، أو أنْ يباشر جماعها ما لم يؤدّ ما عليه من كفارةٍ، أو أنْ يأتي الموت أحد الزوجين، إذ لا يتصوّر بقاء الحكم بانتفاء وجود المتعلّق به، وهو هنا أحد الزوجين، أو تنتهي مدّته إنْ كان مؤقتاً ومحدّداَ بزمنٍ
سبب نزول سورة المجادلة
ثم بين الباعث لهم على هذه النجوى والمزين لهم ذلك فقال: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ أي إنما التناجي بالإثم والعدوان من وسوسة الشيطان وتزيينه
مؤرشف من في 21 نوفمبر 2020 ثم بين السبب في شرع هذا الحكم فقال: ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ أي إنه شرع لكم حكم الكفارة عند طلب العودة إلى المسيس، ليكون ذلك زاجرا لكم عن ارتكاب المنكر، فإن الكفارة تمنع من وقوع الجرم، والله خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها، وهو مجازيكم بها، فانتهوا عن قول المنكر، وحافظوا على ما شرع لكم من الحدود، ولا تخلوا بشىء منها
قال: لا أجد إلا أن تعينني منك بعون وصلة بخلاف كفارة الإطعام، فإنه يجوز المسيس والوطء في أثنائها

تفسير المراغي/سورة المجادلة

ومنها: أنه لا بد من إطعام ستين مسكينا، فلو جمع طعام ستين مسكينا، ودفعها لواحد أو أكثر من ذلك، دون الستين لم يجز ذلك، لأن الله قال: { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } { 5 } { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ } محادة الله ورسوله: مخالفتهما ومعصيتهما خصوصا في الأمور الفظيعة، كمحادة الله ورسوله بالكفر، ومعاداة أولياء الله.

18
نزلت سورة المجادلة في
اختتمت الآيات بالحديث عن حقيقة حب المسلمين بعضهم بعضًا في الله تعالى، والبغض أيضًا في الله تعالى، وأمرت الآيات المسلمين بعدم مناصرة أعداء الإسلام والمسلمين تحت أي ظرف من الظروف
سورة المجادلة مكتوبة بالرسم العثماني
وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ ءٍ أي ويعتقدون أن ذلك نافع لهم، فيجلب لهم الخير، ويدفع عنهم الضّير، كما كان ذلك شأنهم في الدنيا، إذ كانوا يدفعون بتلك الأيمان الفاجرة عن أرواحهم وأموالهم ويحصلون على فوائد دنيوية أخرى
سورة المجادلة مكتوبة كاملة بالتشكيل
وعن مقاتل قال: لما فتح الله تعالى مكة للمؤمنين والطائف وخيبر وما حولها، قالوا نرجو أن يظهرنا الله على فارس والروم، فقال عبد الله بن أبي رأس المنافقين: أتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها؟ والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فنزلت: « كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي »