ويرصد بطل الرواية وهو أحد الرقباء التائبين طبيعة ما يدور في مدينة الأنفاق، والشخصيات العجائبية من الهاربين إلى هناك من العشاق الباحثين عن المتعة والفنانين البوهيميين والكتاب وغيرهم، وتتوالى مفارقات المتن في الرواية بالتشابك مع الأحداث التي تمر بها الرواية في عرض البحر من جهة وبين تداعياتها عن كاتبها ومحاولة تقصي أثره من جهة أخرى | فالسفينة التي يبحر عليها قاسم تضمّ عدداً من الشخصيات المختلفة، وتجري على أرضها صراعات وأحداث كثيرة، ينقلنا الكاتب بينها جميعاً، ولا شكّ أن الجهد البحثي المبذول للإحاطة بجميع هذه المسائل كان كبيراً جداً، خصوصاً أنها مواضيع، بعضها بعيد عن مجتمعنا، ومن هذه المواضيع: عالم القراصنة، والمخطوطات النادرة وأنواعها، وعصابات تهريب اللاجئين غير الشرعيين، والنزاع بين الصومال وإثيوبيا وانعكاساته على الناس، والمثلية الجنسية |
---|---|
هذه الروايات المتداخلة تشكّل كلاً منها عالماً قائماً بذاته، ففي رواية "المتكتم" يأخذنا الكاتب ضمن أجواء فانتازية شديدة الغرابة، ليحكي قصة مدينة تحت الأرض يسميها "مدينة الأنفاق"، يهرب إليها كل من ضاق ذرعاً بالحياة فوق الأرض، حيث مدينة الظلام التي سيطر عليها المتكتم وأعوانه، وفرضوا رقابتهم على الكتب والموسيقى والسينما، وحرية الجسد والفكر وكل شيء | تتناول الرواية قصة نص روائي يبحث عن صاحبه أي مؤلفه والذي ترك النص على متن زورق في عرض البحر وقفز هربا من مطارديه، ثم تبدأ الأيدي في تناول الرواية وتناقلها، وتقوم الرواية بحكي ما يحدث لها في عرض البحر من جهة بينما من جهة أخرى، وعلى أمل ان تجد كاتبها، تستدعي سيرته التي تتناثر بين طفولته في الامارات وشبابه في مصر ثم ألمانيا، أما الرواية فتتناقلها أيدي صديق للكاتب وقراصنة بحار من الصومال وفتاة إثيوبية ضلت الطريق إلى السفينة التي تنقلت عليها الرواية |
.
وقد نجح الكاتب في إيصال هذه الفكرة، من خلال تقطيعه كلام الرواية عن نفسها، وعن ظروف كتابتها، والمواقف التي عاشها صاحبها، ووضعها بين الفصول التي يضمها متنها، مبيّناً كيف أن علاقة كاتب الرواية العاطفية مع فتاة ألمانية والتقلبات في هذه العلاقة، قابلتها علاقة الشخصيتين الرئيسيتين في رواية "المتكتم"، وكيف أن تعرّض الكاتب لموقف تاه فيه في بناء ضخم يشبه المتاهة، قاده إلى كتابة مشهد يتوه فيه البطل في مدينة الأنفاق، وزيارته لمعبد بوذي أوحى له فكرة "معبد أنامل الحرير"، الذي يجري نسخ المخطوطات فيه | ودخلت في القائمة الطويلة لعام 2016، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية» |
---|---|
بعد وهلة توقف القارب وأوقف المحرك فعمّ الهدوء | وفي مستوى آخر يقوم من يتناولون الرواية ويتناقلونها، بالاطلاع على متنها الذي يضم قصة كتيبة من النساخين يهربون من مدينة تدعى مدينة الظلام انتشرت فيها جماعة يقودها شخص يدعى المتكتم وهو رئيس جهاز رقابي يتمكن من الاستيلاء على السلطة ويفرض رقابته على الفنون والنشر والسينما ويحرق الكتب |
تتوالى مفارقات المتن في الرواية بالتشابك مع الأحداث التي تمر بها الرواية في عرض البحر من جهة وبين تقصي أثر الكاتب من جهة أخرى.
قفز من القارب الخشبي الذي كنت ملقاة على أرضه، إلى قارب بخاري آخر أكبر قليلا | |
---|---|
كاتب مصري من مواليد المنصورة 1967، صدرت له عدة أعمال روائية : كهف الفراشات وابتسامات القديسين وجنية في قارورة وأبناء الجبلاوي ومعبد أنامل الحرير | من خلال رواية كبيرة تخفي بداخلها فصول رواية ثانية، يحكي الكاتب قصة نصٍّ روائي متروك على متن زورق في البحر، من دون أن يعلم أين اختفى صاحبه |
يُظهر الكاتب كيف أن ما يمر به الروائي في حياته الواقعية من تجارب ووقائع ونقاشات يؤثر على مسار نصه الروائي الذي يكتبه، وأن بعض الأحداث المتخيّلة التي يكتبها هي معادل لأحداث حقيقية في الواقع.